Habsburg as supporter

Gedenktafeln Kirche

لوحة كنسيّة تذكاريّة

تأثير مملكة «هابسبورج» على مصر

دور «هابسبورج» في الحماية

كانت مملكة «هابسبورج» والإمبراطوريّة العثمانيّة دولتين متعدّدتي السلالات ومختلفتين الواحدة عن الأخرى أشدّ الاختلاف بالرّغم من أنّهما كانتا تارةً متسالمتَين وتارة متحاربتيْن. لم يكن الإسلام والمسيحيّة (الكاثوليكيّة) مجرّد ديانتين فيها، بل كانا يمثّلان الأساس الّذي يميّز حياة شعوبهما. وكانت مسائل التّربية، ووجهات النظر، والأخلاقيّات، والفتاوى القانونيّة تتشكّل حسب انتماء كلّ من الدّولتين من النّاحية الدينيّة. أثناء القرن السّابِع عشر والثّامن عشر، فـإنّ مملكة «هابسبورج» تمكّنت من الزّحف أكثر فأكثر نحو جنوب أوروبّـا في حين أنّ الإمبراطوريّة العثمانيّة كانت في طريقها للانسحاب. وانتهت آخر الحروب بينهما في ١٧٩٢. ثم حدث أنّ النّمسا تمكّنت من إمداد سلطانها حتّى مصر والسّودان.

وفي هذين البلدين، كانت الدّيانة والدّولة على قدم المساواة. شيئًا فشيئًا، أخذت النّمسا على عاتقها مسألة حماية المسيحيّين وبالتّالي صارت مسؤولةً عن ترميم وبناء الكنائس والأديرة والمدارس والمستشفيات ودور المسنّين لهم. وكانت هذه المملكة تحظى بقدر عالٍ من التقدير في أوروبّـا بفضل انفتاحها على الإسلام الّذي أصبح أتباعُه جماعة دينيّة معترفًـا بها في النمسا في ١٩١٢. وساهمت المملكة بإدخال الثقافة في المناطق الّتي كانت تابعة لعدوّ أوروبّا الأساسيّ. واستخدمت مملكة «هابسبورج» دورها المقبول دُوَليًّا لتوفّـر «الحِماية» لمسيحيّي مصر أو السّودان لا لتقوم باحتلال بلديهم. ومع الوقت صارت مصر مكانًا سارع إليه عدد من أعضاء الرّهبانيات الأوروبيّة ليستقرّوا فيه.

Familie vor Kirchentüre

إحدى العائلات أمام باب الكنيسة

وحتّى مع بعض المؤسّـسات الكاثوليكيّة الّـتي لا يزيد عددها عن أصابع اليد الواحدة، فإنّ النمسا تمكّنت من إنجاز مشروعات ثقافيّة كبيرة. وحيث إنّ هذه المؤسّـسات الدينيّة أو الاجتماعيّة لم تكن سياسيّة الإتجاه، فلم تُثِر أيّةَ شكوك بخصوصها قِبَلَ السلطات السياسيّة. وحظيت كلّها باحترام الجميع لما هي عليه: فقد كانت سندًا نزيهًا للسّكّان.

الجدير بالذّكر أنّ مصر عرفت المسيحيّين الكاثوليك منذ القرن السّابِع عشر. وكانوا كلّهم ينتمون للقنصليات الأجنبيّة. وقد أدّى العمل الصبور للمرسلين الأوروبيّين إلى تأسيس الكنيسة القبطيّة الكاثوليكيّة في مصر. ولا تزال هذه الكنيسة في حياة شركة مع روما، حتّى وإنْ بدَت أقلّيّةً صغيرةً مقارنةً بالكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة القديمة والكثيرة العدد. يعيش معظم الأقباط الكاثوليك في الجزء الأوسط من مصر، في أبروشيّات المنيا، أسيوط، سوهاج، الأقصر والاسماعيليّة. وعلى العكس من الكنائس القبطيّة الأرثوذكسيّة والكنائس الكاثوليكيّة الرّومانيّة، فإنّ الأقباط الكاثوليك لديهم دير واحد فقط.

تاريخ موجز للكنيسة القبطيّة الكاثوليكيّة في مصر

١٦٣٠: بدء رسالة الفرنسيسكان الكبّوشيّين في القاهرة.

١٦٧٥: بدء نشاط الآباء اليسوعيّين في مصر.

١٧٤١: الأنبا أثناسيوس، أسقف القدس للأقباط الأرثوذكس انضم للكنيسة الكاثوليكيّة. وقد احتفظت كنيسته على الكثير من طابعها القبطيّ.

عاد الأنبا أثناسيوس مرّة أخرى إلى الكنيسة الأرثوذكسيّة لكنّ أتباع كنيسته ظلّوا منتمين للكنيسة الكاثوليكيّة.

١٨٢٩: للمرّة الأولى سمحت السلطات العثمانيّة للأقباط الكاثوليك ببناء كنائس خاصّة بهم في مصر.

١٨٩٣: سلّم الفرنسيسكان ١٠ من كنائسها في مصر إلى الأقباط الكاثوليك.

١٨٩٥: هناك ٣ أبروشيّات قبطيّة كاثوليكيّة تعمل في مصر.

بالإضافة إلى الكنائس الخمس عشرة المنتشرة في هذه الأبروشيّات، فقد بُـنِيَت كنيسة قبطيّة كاثوليكيّة في قرية «البربا» في أبروشيّة المنيا بفضل معونة ماليّة قدّمتها النمسا.

وحتّى اليوم، فإنّ هناك لوحة تذكاريّة عند مدخل الكنيسة عليها عبارة باللغة اللاتينيّة تقول: « Ex Munificentia Imperatoris ac Regis Apostolici Francisci Josephi 1895» ومعناها : «تقدمة من الإمبراطور والملك فرنسيس جوزيف-١٨٩٥)

هناك في قرية «البربا» عزبة تدعى «عِزْبَة ماركو» أي « عزبة الأجنبي  » نسبةً إلى مدرّس نمساوي وُلِـدَ في جنوب إقليم التيرول (Tyrol) جاء إلى هذه العزبة وعاش فيها حتّى مات ودُفِـن فيها.

مع الوقت بُنِيَت كذلك مدارس صغيرة مرتبطة بكل هذه الكنائس لخدمة أهالي المنطقة فتردّد عليها تلاميذ عديدون.

١٨٩٩: تلاشَت كنيسة «البربا» في أبروشيّة المنيا والمدرسة في قرية «بني عبيد» المجاوِرَة. تم التّخطيط لكنائس في «بني عبيد» و«منسافيس» لكنّها لم تُبْنَ كنائس أخرى.

المراجع:

١- دوروثي ماك إيوان، القاهرة: هابسبورج: في حماية الكاثوليك في مصر، القاهرة، ١٩٨٢.

٢- كتابات المعهد الثقافي النمساوي، القاهرة، المجلّد الثالث.

٣- ويكيبيديا