Abraham-Ibrahim

coexist-jpgأبراهام – إبراهيم

في القرآن الكريم نجد في ٢٧ سورة مختلفة قصّة إبراهيم بينما تحمل السورة رقم ١٤ اسم هذا النبي العظيم في القرآن الكريم. النبي إبراهيم هو جدّ كلٍّ من اليهود، والمسيحيّين والمسلمين.

فنقرأ في غلاطية ٣: ٧ «اعْلَمُوا إِذًا أَنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنَ الإِيمَانِ أُولئِكَ هُمْ بَنُو إِبْرَاهِيمَ ».

وفي رومية ٤: ١١ «ثُمَّ تَلَقَّى إِبْرَاهِيمُ عَلاَمَةَ الْخِتَانِ خَتْماً لِلْبِرِّ الْحَاصِلِ بِالإِيمَانِ الَّذِي آَانَ لَهُ وَهُوَ مَازَالَ غَيْرَ مَخْتُونٍ، لِكَيْ يَكُونَ أَباً لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ مِنْ غَيْرِ الْمَخْتُونِينَ فَيُحْسَبَ الْبِرُّ لَهُمْ أَيْضاً ».

وفي أشعيا ٥١: ٢: «انْظُرُوا إِلَى إِبْرَاهِيمَ أَبِيكُمْ وَإِلَى سَارَةَ الَّتِي وَلَدَتْكُمْ. لأَنِّي دَعَوْتُهُ وَهُوَ وَاحِدٌ وَبَارَكْتُهُ وَأَكْثَرْتُهُ».

وحسب الكتاب المقدّس دُعِي إبراهيم من قبل الله وأُعْطِي له الوعد . إسحاق هو ابن هذا الوعد، جدّ اليهود والنصارى.

إسماعيل، ابن إبراهيم من آمته هاجر، هو جدّ المسلمين .«رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ» هكذا كان إبراهيم وإسماعيل يصلّيان كما ورد في سورة البقرة، آية ١٢٧-١٢٨.

وحسب القرآن الكريم فإنّ إبراهيم

توصّل إلى معرفة الله من خلال التأمل في الأرض، والبحر، والظّواهر المتغيّرة في السماء، ومن تأمّله في نظم الطبيعة: إبراهيم هو مَن كان دائب البحث عن خالقه ووجده أخيرا من خلال المعرفة .بما أنّه لم يستوعب أنّ أحدًا يمكنه أن يعبد شيئا لا حياة فيه، صنعته أيدي البشر، وعاجزًا عن الكلام، وعن الحركة.

ويروي القرآن العديد من الروايات المختلفة عن عبادة الأوثان الّتي يتناقش إبراهيم بخصوصها :ففي سورة مريم نقرأ في الآية ٤٢: «إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا»

ونقرأ في كتاب أشعيا ٤٤: ٩، ١٩ ٢١:

«الَّذِينَ يُصَوِّرُونَ صَنَماً كُلُّهُمْ بَاطِلٌ وَمُشْتَهَيَاتُهُمْ لاَ تَنْفَعُ وَشُهُودُهُمْ هِيَ. لاَ تُبْصِرُ وَلاَ تَعْرِفُ حَتَّى تَخْزَى.. مَنْ صَوَّرَ إِلَهاً وَسَبَكَ صَنَماً لِغَيْرِ نَفْعٍ؟ .. أُذكُرْ هذه يا يَعْقوب ويا إِسْرائيلُ، فإِنَّكَ عَبْدي. قد جَبَلتُكَ فأَنتَ عَبْدي يا إِسْرائيلُ، لن أَنْساكَ».

يُعدّ إبراهيم حسب القرآن الكريم الشخص الذي توصّل إلى معرفة الله، عن طريق مشاهدة النجوم والقمر والشمس التي تظهر ثم تختفي مرة أخرى . جاء في سورة الأنعام، آية ٧٦-٧٨: «فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ»

…د…وهو مانجده في كتاب رؤيا إبراهيم ١-٨) أو في (بريشيت ربّا على تكوين ١١: ٢٨.«فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ».

«فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ ».

إبراهيم هو الشخص الّذي من خلال النّقاش مع أبيه وشعب عشيرته يدرك الفرق بين الله والأصنام.

فنقرأ في سورة الأنعام، آية ٧٤: «وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ».

أو في سورة النِّساء، آية ٥٤: «أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا».

وكذلك في سورة الأنبياء، آية ٥٨: «فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا … » . هذه الرّواية نجدها كذلك في كتاب رؤيا إبراهيم وكذلك في٣٨، ١٣

إبراهيم هو مَنْ تجادل حول الله مع شخص مجهول الاسم وشهد بوجد إله واحد لهذا الكون.

إذ نقرأ في سورة البقرة، آية ٢٥٨: «… إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ…».

كذلك إبراهيم هو من خضع لله خالق الكون.

إذ ورد في سورة البقرة، آية ١٣٠-١٣١: «وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ… إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ».

إبراهيم هو من أوصى أبناءه:

فقد جاء في سورة البقرة، آية ١٣٢-١٣٣: «… يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ … ».

إبراهيم ليس يهوديّاً ولا مسيحيّاً:

ورد في سورة البقرة، آية ١٤٠-١٤١: «أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ كَانُواْ هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ . تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ…».

… وكذلك سورة آل عمران، آية ٦٥: «يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالإِنجِيلُ إِلاَّ مِن بَعْدِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ».

إبراهيم يدخل في حوار مع الله.

نقرأ في سورة البقرة، آية ٢٦٠: «وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي».

لقد اختار الله إبراهيم كما سبق له أن إختار آدم ونوح وعائلة موسى. ويرمز هذا الاختيار إلى التفاهم.

جاء في سورة آل عمران، آية ٣٣: «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ».

…د… يقدّم القرآن إبراهيم على أنّه مؤمِن حقيقيّ، كما جاء في الكتاب المقدّس:

جاء في سورة النِّساء، آية ١٢٥: «وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّه وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً ».

إبراهيم هو مَن يصغي إلى الله ويسير على هدى الله:

فقد جاء في سورة الأنعام، آية ٨٤: «وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُـلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ».

وكذلك في الآية ١٦١ من نفس سورة الأنعام: «قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ».

إبراهيم هو مَن يتوسّل من أجل أبيه:

فنقرأ في سورة التوبة، آية ١١٤: «وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ ».

وكذلك في سورة إبراهيم، آية ٣٥: «وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ ».

تبيّن قصة إبراهيم في القرآن الكريم كيف تمكّن إبراهيم من خلال التأمل في الخليقة، من خلال مراقبة نظام الطبيعة، ومن خلال التأمل في عقله وقلبه،

من الوصول إلى معرفة أنّ هناك إلهاً واحداً فقط، وهو الأكبر ويفوق حدود معرفتنا .

ومع قصة إبراهيم في الكتاب المقدس، نحن نعلم انه عندما نشرع في مسيرة الإيمان يمكن للوعد أن يتحقّق .فإبراهيم هو أبو الوعد، وأبو العهد؛

ودوره هو أن يكون أبا الشّعب الّذي منه كان على الوعد أن يولد . هذا هو يسوع المسيح (Christ) بالنسبة للمسيحيين، المسيّا (Messiah) لليهود.

إبراهيم هو كذلك الرّجل الّذي تغيّر اسمُه في مجرى حياته بمعرفة الله، باعتباره الوحيد الّذي يؤمن به إبراهيم وله يؤدّي فروض الطّاعة . تبدأ القصة مع إبراهيم في الكتاب المقدس، بعد أن قطع الله العهد مرّتين مع بعض الأفراد . تبدأ قصّة إبراهيم بأمر إلهي واحد :إرحل، إرحل من أرضك ……

تكوين ١٢: ١-٥: « وَقَالَ الرَّبُّ لابْرَامَ: «اذْهَبْ مِنْ ارْضِكَ وَمِنْ عَشِيرَتِكَ وَمِنْ بَيْتِ ابِيكَ الَى الارْضِ الَّتِي ارِيكَ. فَاجْعَلَكَ امَّةً عَظِيمَةً وَابَارِكَكَ وَاعَظِّمَ اسْمَكَ وَتَكُونَ بَرَكَةً. وَابَارِكُ مُبَارِكِيكَ وَلاعِنَكَ الْعَنُهُ. وَتَتَبَارَكُ فِيكَ جَمِيعُ قَبَائِلِ الارْضِ». فَذَهَبَ ابْرَامُ كَمَا قَالَ لَهُ الرَّبُّ وَذَهَبَ مَعَهُ لُوطٌ. وَكَانَ ابْرَامُ ابْنَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً لَمَّا خَرَجَ مِنْ حَارَانَ. فَاخَذَ ابْرَامُ سَارَايَ امْرَاتَهُ وَلُوطا ابْنَ اخِيهِ وَكُلَّ مُقْتَنَيَاتِهِمَا الَّتِي اقْتَنَيَا وَالنُّفُوسَ الَّتِي امْتَلَكَا فِي حَارَانَ. وَخَرَجُوا لِيَذْهَبُوا الَى ارْضِ كَنْعَانَ. فَاتُوا الَى ارْضِ كَنْعَانَ».