Institut Ratisbonne

معهد راتيسبون

دير مار بطرس – صهيون – راتيسبون

راهب من رهبان نوتردام دي سيون – القدس.

يرجِع تأسيس دير مار بطرس إلى القرن التّاسِع عشر. بني على تلٍّ يَـطُـل على مدينة القدس القديمة. وبالرّغم من أنّه كان عند بنائه في منطقة شبه منعزلة في ذلك الوقت إلّا أنّه يقع الآن في قلب مدينة القدس اليهودية.

وحيث إنّ مؤسِّسه، الأب ماري-ألفونس راتيسبون، رأى أن طلبات التسجيل في مدرسة الـ «إتشي هوموو» (Ecce Homo) كثيرة جدًا لدرجة أنه كان من المستحيل أن يستقبل مزيدًا من التلاميذ نظرًا لضيق المكان، فقد بحث عن مكان مناسب ليبني فيه مدرسة كبيرة. لذلك، في ١٨٧٤، بعد أن اشترى قطعة أرض يملكها أحد الأرثوذكس سارع «راتيسبون» بمباشرة أعمال البناء عليها. طلب الأب ماري-ألفونس من مهندس معماري من باريس أن يُـعد رسومًـا هندسيّة للمبنى الجديد واشترط عليه أن يكون واسعًا وجميلا:  وقد طلب أن يكون المبنى واسعًا لأنّ الأب ماري-ألفونس راتيسبون كان يفكّر في التلاميذ العديدين الّذين ينتظرون قبولهم فيه وطلب أن يكون جميلاً لأنّ مهندسه المعماري أبلغه أن المبنى الرّديء سيكلّف نفس تكاليف المبنى الجميل. ونظرًا لأنّ مدرسة مار بطرس وقع الاختيار عليها كي تكون خليّة مكتظّة بالعمّال والفنّانين، فكان من المناسب أن يخرج من أيديهم مبنى نموذجيّ دائم على مستوى عالٍ من الذّوق الفنيّ.

كلّف رهبان «نوتردام دي سيون» لإدارة مدرسة «راتيسبون» الّتي بدأت نشاطَها كَمَدْرَسةٍ ابتدائيّة للأولاد؛ وبادر القائمون على المدرسة بتعليم تلاميذها اللغات المختلفة: الفرنسيّة، الإنجليزيّة، العربيّة، والعبريّة.

ثم أضافوا تعليمًا مهنيًا يضم ما يقرب من ١٨ نوعًا من الحِرف. كل ما كان يهم القائمين على الدار هو أن يكونوا في خدمة السكان المحلّيّين؛ وليس غريبًا كذلك أن الرّوح التي كانت تدفعهم هي روح التّرحيب بالجميع: يهودٍ وعرب مسيحيين ومسلمين. وقد تمكّن كل هؤلاء الأطفال أن يتعلّموا في المدرسة حتّى سنة ١٩٤٨. وبعد تأسيس دولة إسرائيل، فإنّ دار «راتيسبون» صارت شيئًا فشيئًا مركزًا للأبحاث لخدمة المسيحيّين المهتمّين بالدراسات اليهوديّة.

في ١٩٧٠، طبقًا لتعاليم الكنيسة الكاثوليكيّة حول أهمّيّة الدّراسات اليهوديّة بالنسبة للمسيحيّين، صار مركز «راتيسبون» أكثر انفتاحًا على تعليم ثُنَائِيِّ الاتجّاهات: دُوَلِيٍّ ومَسْكونيٍّ. وفي ١٩٨٤، ضمانًـا لبقاء وتطوير المركز المسيحي للدراسات اليهوديّة في «راتيسبون»، فإنّ جمعيّة رهبان «نوتردام دي سيون» أهدت إلى الكرسي الرّسولي ملكيّتها في «راتيسبون» تحت شرط واضح في عقد رسميّ يلزم الطرف المستفيد بأنْ يظل هذا المعهد قائمًا ومزدهرًا.

كُلِّف المعهد الكاثوليكي في باريس بتولّْي المسؤوليّة الأكاديميّة. بقي رهبان «نوتردام دي سيون» يمارسون التزاماتهم في تنشيط المركز، دون أن يتحمّلوا أيّة مسؤوليّة مباشرة. في ١٩٩٨، صار مركز الدّراسات معهدًا بابويًّا لكن بعد ثلاث سنوات، في ٢٠٠١، قرّر مَجْمَع التربيّة الكاثوليكيّة بالفاتيكان، دون أخذ رأى الطّرف الآخر، إغلاق المركز البابوي للدراسات اليهوديّة في «راتيسبون». لكن حسب العقد المُبْرَم مع الكرسي الرّسولي، في ١٩٨٤، فإنّ رهبان «نوتردام دي سيون» احتفظوا بجزء من مبنى «راتيسبون» لمعيشتهم ولممارسة نشاطاتهم الجماعيّة.

ولذلك، تمكّن رهبان «نوتردام دي سيون» في الجزء الذي يشغلونه من دير مار بطرس – راتيسبون من إعادة تنظيم المكتبة المتخصّصة في الدراسات اليهوديّة بعد أن حدّدوا أحد أقسّامها كقاعة يُلْقُون فيها المحاضرات. حاليًّا، فإننا واصلنا نشاطنا الأكاديميّ من خلال التدريس والمحاضرات في نفس المكتبة الّتي نستخدمها كذلك في إلقاء دروس التّكوين الخاص برهبان وراهبات «نوتردام دي سيون».

ولانزال نواصل نشاطاتنا طبقًا لدعوتنا الّتي تربطنا كذلك بالشّعب اليهودي، على ضوء تعليم الكنيسة الكاثوليكيّة الّذي أعلنته منذ المجمع الفاتيكاني إلى الآن.

الأب إيليو باسّيتو من رهبان «نوتردام دي سيون»